تأثير الضغوط المؤسسية على ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء لتحسين الأداء التنظيمي: دراسة تطبيقية على عينة من المنظمات الصناعية السعودية

      الهدف الرئيسي للدراسة الحالية هو بيان تأثير الضغوط المؤسسية على ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء لتحسين الأداء التنظيمي، ويتمثل هذا الهدف في بناء نموذج شامل يعتمد على نظريتين تنظيميتين وهما، النظرية المؤسسية “institutional theory (InT)”، ونظرية الرؤية القائمة على الموارد “resource-based view (RBV)”، حيث يمكن لهاتين النظريتين أن يساعدا في دراسة الضغوط المؤسسية لتنفيذ ممارسات سلسلة التوريد الخضراء في المنظمات الصناعية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تعمل الدراسة على تحليل أثر ممارسات سلسلة التوريد الخضراء على نتائج الأداء التنظيمي.
      تم جمع البيانات من 361 متخصصًا في إدارة سلسلة التوريد من المنظمات الصناعية الموجودة في المملكة العربية السعودية، حيث استخدمت الدراسة أسلوب التصميم القطاعي، وقد شملت الدراسة إحدى عشر قطاعاً صناعياً مختلفاً، كما تم الاعتماد على اسلوب الاستقصاء لجمع البيانات، وتم اختبار فرضيات الدراسة اعتماداً على منهجية "Partial least squares structural equation modeling (PLS-SEM)"، وقد تضمن الاستقصاء ثلاث تركيبات رئيسية، التركيب الأول هو الضغوط المؤسسية وقد تضمن ثلاث أبعاد فرعية وهي "الضغط القهري، والضغط المعياري، والضغط المحاكي"، والثاني كان تركيب ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء والتي تضمنت أربعة عشر بُعداً فرعياً، وهي "التعاون البيئي مع الموردين، التعاون البيئي مع العملاء، الإدارة البيئية الداخلية، التصميم البيئي، اللوجستيات العكسية، استرداد الاستثمار، تكنولوجيا وأنظمة المعلومات الخضراء، الامتثال الأخضر، الشراء الأخضر، التصنيع الأخضر، التعبئة والتغليف الأخضر، الخدمات اللوجستية الخضراء، والاستعانة بمصادر خارجية خضراء، والتخزين الأخضر". أما التركيب الثالث، فقد كان يتضمن أبعاد الأداء التنظيمي والتي تستند إلى ثلاث أبعاد فرعية، وهي (الأداء البيئي، والأداء التشغيلي، والأداء الاقتصادي).
      تعتبر هذه الدراسة من الدراسات الحيوية في إطار الظروف البيئية للمملكة العربية السعودية. وتكشف هذه الدراسة أن الضغوط المؤسسية ضرورية للتأثير على المنظمات لتبني ممارسات سلسلة التوريد الخضراء، فقد أظهرت هذه الدراسة أن الممارسات الخضراء يمكن أن تحسن أداء المنظمة، والتي تعمل كمحفز لأصحاب المصلحة وصناع القرار لتبني هذه الممارسات. كما أشارت نتائج الدراسة إلى أنه من بين العديد من أشكال الضغوط المؤسسية، فإن الضغط المعياري الذي يطبقه شركاء سلسلة التوريد والمستهلكون له التأثير الأكبر، يليه الضغط المحاكي وأخيراً الضغط القهري. حددت نتائج هذه الدراسة تأثير الضغوط المعيارية والمحاكية للضغط المؤسسي، وبناءً على تلك النتائج يمكن اعتبار تلك الضغوط بمثابة معايير بارزة تؤثر على التطبيق الممتاز لممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء في العمليات. فيما يتعلق بأداء سلسلة التوريد لهذه المنظمات، أكدت نتائج هذه الدراسة أن لها آثارًا إيجابية على المحصلة النهائية، كما أشارت نتائج هذه الدراسة أيضًا إلى أن ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء تؤثر بقوة على الأداء البيئي حيث أن المسؤولية الاجتماعية للشركات مفيدة جدًا لجذب انتباه العملاء، كما إنها تؤثر على كل من الأداء التشغيلي والاقتصادي بشكل كبير.
بشكل عام، تُعتبر الدراسة الحالية واحدة من أولى الدراسات التي تتضمن استخدام كلً من النظرية المؤسسية، ونظرية وجهة النظر القائمة على الموارد، والضغوط المؤسسية، وممارسات سلسلة التوريد الخضراء، ونتائج أداء المنظمات، معاً في دراسة واحدة. ودللت الدراسة على أن صانعو السياسات في المنظمات المختلفة يحتاجون إلى فهم الارتباطات المادية بين الجوانب الخارجية والداخلية لتنفيذ هذه الممارسات، ومن ناحية أخرى، يجب على صانعي السياسات تنسيق أنشطة المنظمة لتحسين الأداء التنظيمي. يمكن لممارسي التصنيع اكتساب فهم شامل للتفاعل بين التوجه الاستراتيجي والعوامل المختلفة لتنفيذ ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء التي تقلل التأثير البيئي وتحسن الأداء الاقتصادي للشركة مع مراعاة الضغوط الداخلية والخارجية. من ناحية أخرى، ستساعد النتائج الممارسين في التعرف على طرق تنفيذ ممارسات إدارة سلسلة التوريد الخضراء وثغرات الاتساق، بالإضافة إلى هيكل التغيير الجوهري ونظام الإنتاج والمنتج والثقافة من أجل تحقيق أداء شركة أكثر استدامة. بشكل عام، يمكن القول إن المديرين يمكنهم تحسين إنتاجية وكفاءة شركاتهم بحثًا عن مزايا اقتصادية مستدامة من خلال تبني ودعم الممارسات الصديقة للبيئة.