تحليل أثر الصدمات الخارجية على مؤشرات الأداء والاستقرار الاقتصادي في مصر في ضوء نموذج ماندل–فليمنج

شهد الاقتصاد المصري خلال العقود الأربعة الماضية انفتاحًا متزايدًا على الاقتصاد العالمي، مما جعله أكثر عرضة لتأثيرات الصدمات الخارجية بمختلف أنواعها. ويسعى هذا البحث إلى تحليل أثر هذه الصدمات على مؤشرات الأداء والاستقرار الاقتصادي في مصر خلال الفترة (1980–2023)، بالاستناد إلى نموذج ماندل–فليمنج الذي يوضح انتقال الأثر عبر ثلاث قنوات رئيسية: سوق السلع والخدمات، وسوق النقد، وميزان المدفوعات، في ظل اقتصاد مفتوح. ويرتكز البحث على أربعة مؤشرات رئيسية: معدل النمو الاقتصادي، ومعدل التضخم، وسعر الصرف، والميزان التجاري. وقد أظهرت النتائج أن الصدمات السالبة – مثل الأزمات المالية، والصراعات الجيوسياسية، والأوبئة – انعكست سلبًا على هذه المؤشرات من خلال تباطؤ النمو الاقتصادي، وتسارع التضخم، وتراجع قيمة الجنيه، واتساع العجز التجاري. وفي المقابل، ساهمت بعض الصدمات الموجبة – كطفرة التكنولوجيا وازدهار التجارة العالمية – في تحسين مؤقت للأداء دون إحداث تحول هيكلي مستدام. كما كشفت النتائج أن الاقتصاد المصري يتمتع بانفتاح نسبي مع مرونة أكبر في سعر الصرف بعد تعويم الجنيه عام 2016، إلا أن فاعلية السياسات الاقتصادية تظل محدودة بفعل تدخلات البنك المركزي والقيود الهيكلية، لا سيما على السياسة المالية في ظل الحيز المالي الضيق وارتفاع الدين العام، في حين تبرز السياسة النقدية كأداة أكثر فاعلية في بيئة سعر صرف مرن، ويتسق هذا الواقع إلى حد كبير مع افتراضات نموذج ماندل–فليمنج. ويخلص البحث إلى أن تعزيز فاعلية السياسات الاقتصادية يتطلب تحسين البيئة المؤسسية، وتنويع مصادر النمو، وتقليل الاعتماد الخارجي، وتطوير آليات فعالة للإنذار المبكر، بما يدعم استقرارالاقتصاد الكلي واستدامة النمو على المدى الطويل.